يُعد سوق العقارات التركي من الأسواق الواعدة في المنطقة، حيث استطاع أن يجذب المستثمرين المحليين والأجانب على مدى سنوات، حتى مع التحديات الاقتصادية العالمية والمحلية. وأخيرًا، أعلنت هيئة الإحصاء التركية عن زيادة ملحوظة في مبيعات العقارات خلال شهر أكتوبر 2024، حيث ارتفعت المبيعات في جميع أنحاء البلاد بنسبة 76.1% مقارنةً بنفس الشهر من العام السابق، لتصل إلى 165,138 منزلًا. ولكن، على الرغم من هذه الزيادة في المبيعات المحلية، لا تزال مبيعات المنازل للأجانب تشهد تراجعًا. نستعرض فيما يلي أهم الأرقام والمؤشرات التي تُظهر واقع السوق العقاري التركي، وكيف يمكن لهذه الأرقام أن تؤثر على قرارات المستثمرين الأجانب الذين يفكرون في شراء عقار في تركيا.
تشير البيانات إلى أن المدن الكبرى مثل إسطنبول وأنقرة وأزمير شهدت أكبر نسبة من مبيعات العقارات في أكتوبر 2024. فقد تصدرت إسطنبول المدن التركية ببيع 24,812 منزلًا، تلتها أنقرة بـ15,257 منزلًا، ثم أزمير بـ8,658 منزلًا. هذه الزيادات الكبيرة في المبيعات تُظهر أن السوق المحلي يشهد طلبًا قويًا، وذلك يعود في جزء كبير منه إلى السياسات الحكومية التي تشجع المواطنين الأتراك على الاستثمار في العقارات كوسيلة للحفاظ على قيمة أموالهم في ظل التضخم وارتفاع أسعار الإيجار.
من ناحية أخرى، شهدت المبيعات العقارية خلال الفترة من يناير إلى أكتوبر 2024 زيادة بنسبة 11.9% مقارنةً بالفترة ذاتها من العام السابق، حيث بلغ عدد المنازل المباعة 1,112,374 منزلًا. هذه الزيادة المطردة تُعطي مؤشرًا إيجابيًا على استقرار السوق وقدرته على النمو، خصوصًا في ظل التحديات الاقتصادية العالمية التي تواجهها العديد من الأسواق.
على الرغم من نمو السوق المحلي، فإن مبيعات المنازل للأجانب شهدت تراجعًا بنسبة 16.3% في أكتوبر 2024 مقارنةً بنفس الشهر من العام الماضي، حيث تم بيع 2,122 منزلًا فقط للأجانب. ويرجع هذا الانخفاض إلى عدة عوامل، منها التقلبات في سعر الليرة التركية، وسياسات الهجرة والإقامة التي قد تؤثر على سهولة التملك للأجانب. ومع ذلك، تظل المدن التركية مثل أنطاليا وإسطنبول الوجهات الأكثر جذبًا للمستثمرين الأجانب، حيث حققت أنطاليا مبيعات للأجانب بلغت 750 منزلًا، تلتها إسطنبول بـ724 منزلًا.
ورغم هذا الانخفاض، فإن تركيا تبقى خيارًا مميزًا للمستثمرين الأجانب نظرًا لموقعها الجغرافي المميز، وتنوع مرافقها الخدمية، والأمان الذي توفره مقارنةً بالعديد من دول المنطقة. وتسعى الحكومة التركية باستمرار لتقديم التسهيلات والمحفزات لجذب الأجانب، سواء من خلال توفير خيارات تمويل ميسرة أو برامج تملك مرنة، خصوصًا في المدن السياحية التي تعد مقصداً رئيسيًا للراغبين بشراء عقار في تركيا.
أظهرت البيانات أيضًا زيادة كبيرة في مبيعات العقارات بنظام الرهن العقاري (التقسيط)، حيث بلغت المبيعات المرهونة 21,095 منزلًا في أكتوبر 2024، بزيادة نسبتها 278.2% مقارنةً بالعام السابق. يُظهر هذا الارتفاع توجهًا واضحًا نحو امتلاك العقارات عبر أنظمة دفع ميسرة، مما يساهم في جعل السوق العقاري التركي أكثر جاذبية للمشترين المحليين، ويمنح المستثمرين الأجانب بدورهم ثقة أكبر في استقرار السوق ومرونة خيارات الشراء المتاحة.
تتمتع تركيا بميزات تجعلها وجهةً جاذبةً للاستثمار العقاري، ومن بين أهم هذه الميزات الأمان الذي تقدمه للمستثمرين والمرافق المتنوعة التي تلبي احتياجات السكان والزوار على حد سواء. كما أن الحكومة التركية تعمل جاهدة على بناء أسس قوية لجذب المزيد من المستثمرين عبر تحديث القوانين العقارية وتحسين البنية التحتية.
بالإضافة إلى ذلك، توفر المدن الكبرى مثل إسطنبول وأنطاليا وأزمير فرصًا استثمارية واعدة، حيث يمكن للمستثمرين الأجانب العثور على شقق للبيع في إسطنبول أو أنطاليا بتنوع كبير في الأسعار والمساحات، ما يسمح بتلبية مختلف احتياجات المشترين من جميع أنحاء العالم. كما تقدم تركيا حوافز للمستثمرين الأجانب الذين يسعون لشراء عقارات، مثل منح الجنسية التركية عند شراء عقار بقيمة معينة، مما يزيد من جاذبية السوق العقاري التركي على الصعيد العالمي.
تشير البيانات الأخيرة إلى أن السوق العقاري التركي قد عاد إلى مسار النمو، وخاصةً على مستوى الطلب المحلي، مما يعكس ثقة المتعاملين المحليين بالسوق. ورغم التحديات التي قد تؤثر على استقطاب المستثمرين الأجانب، تظل تركيا خيارًا استثماريًا مميزًا. فالاستثمار في عقار في تركيا يمثل فرصة فريدة، خصوصًا في ظل البيئة الاقتصادية العالمية الحالية.